برعاية وزارة الخارجية الإماراتية نظمت غرفة تجارة وصناعة دبي مؤتمر “الشراكة للإستثمار في سوريا المستقبل” بحضور رئيس المجلس الوطني السوري وعضو الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية الأستاذ جورج صبرا، ومعالي سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد الإماراتي، ومعالي أنور محمد قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، وسعادة السفير الألماني فولكمار فينسل المبعوث الخاص لوزير الخارجية الألماني لشؤون التغيير في العالم العربي، وسعادة عبد الرحمن سيف الغرير رئيس مجلس الإدارة في غرفة تجارة وصناعة دبي، وأكثر من 500 شخصية من سياسيين، وصناع قرار، وخبراء من دولة الإمارات العربية ومن خارجها، ورجال أعمال لسوريين وعرب وأجانب، وعدد من الناشطين السوريين والمهتمين بالشأن السوري.. الذين استطاعوا خلال الندوات الحوارية التي تميزت بالواقعية والثراء أن يتلمسوا آفاقاً جديدة يتطلع إليها السوريون في عملية البناء في سوريا المستقبل.
ويعتبر هذا المؤتمر بمثابة اللقاء الثاني لمجموعة العمل الخاصة بإعادة بناء الاقتصاد السوري وتطويره، والتي تتشارك الإمارات العربية المتحدة وجمهورية ألمانيا الإتحادية برئاستها. هذه المجموعة هي واحدة ضمن أربع مجموعات عمل عرفت بمجموعة دعم القطاع الخاص في إطار يحقق رؤية سوريا للإقتصاد الحر والتي تترأسها دولة الإمارات العربية المتحدة.
وتناول المؤتمرون في جلسات النقاش التي تمت بعيداً عن أعين الإعلام، مواضيع مهمة أبرزها النهوض بواقع الاقتصاد السوري والفرص المتاحة فيه والتحديات التي تواجهه، وموضوع دور القطاع الخاص وإنعاش الاقتصاد السوري من خلال استعراض التجربة الناجحة للقطاع الخاص في عدة دول لاسيما دولة الإمارات العربية المتحدة، والموضوع الأخير في جلسات النقاش كان عن تحليل القطاعات الرئيسة للاقتصاد وحجم الفجوة بين الوضع الراهن والحاجات المستقبلية وفرص الاستثمار الأجنبي في سوريا المستقبل.. حيث تحدث رجل الأعمال غسان عبود عن فرص الاستثمار في المجال الإعلامي وحاجة سوريا المستقبل إلى استثمارات ضخمة من هذا النوع، وأهمية السوق الإعلامية الواعدة بالنسبة للمستثمرين.
وفي كلمته خلال افتتاح المؤتمر، قال رئيس المجلس الوطني السوري وعضو الائتلاف الوطني جورج صبرا : “إن مؤتمر الشراكة للاستثمار في سوريا المستقبل كان حاضراً ولا زال في الثورة السورية بقوة، والمجلس الوطني كان واعياً لهذه المسألة منذ تأسيسه، وأعلن عن الرؤية الاقتصادية لسوريا الجديدة في مؤتمر أبوظبي /24 أيار الماضي/.
وأضاف صبرا: ” أشارت التقارير الدولية إلى العقبات أمام مجتمع الأعمال والشريك الأساسي في نهضة سوريا ، وهي التي جعلت الاقتصاد السوري للأسف يحتل مكانة مع أسوأ أربعين دولة في العالم، حيث احتلت سوريا المكانة 144 من أصل 183 في تقرير – أين تقيم أعمالك – لعام 2011.وأهم تلك العقبات : انخفاض كفاءة العمالة السورية بسبب إهمال النظام البائد لرفع كفاءتهم رغم تغنيه لخمسة عقود بأنه دولة العمال والفلاحين!. وأيضاً عدم كفاءة البيروقراطية الحكومية، وصعوبة الحصول على ائتمان لتوسعة الأعمال، والفساد الضارب أطنابه في كل مناحي الحياة الاقتصاجية السورية، لذلك كان خطابنا الاقتصادي مهتماً برؤية جديدة لسوريا تتحاشى أخطاء الماضي وتذلل كل العقبات وغيرها من عوامل إعاقة وتأخر لبدء أي مشروع جديد، واستصدار تراخيص البناء، وتسجيل الملكيات، وحماية المستثمرين من الابتزاز، وذلك كي نعيد الحيوية للاقتصاد السوري والثقة به من جديد.”
وأكد صبرا على أن المرحلة الانتقالية في سوريا بدأت بالفعل منذ تحرير أول مدينة في سوريا، ودعا أصدقاء الشعب السوري إلى فتح مكتب تنسيق فوري إما داخل الأراضي السورية المحررة، أو في أي مدينة قريبة من الحدود التركية السورية، يتم عبره التواصل مع ممثلي دول العالم من أصدقاء الشعب السوري، لتأمين احتياجات حلب وإدلب وباقي المناطق المحررة من الخبرات الإدارية والفنية.
من جانبه قال معالي سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد الإماراتي في كلمته التي ألقاها في ختام مؤتمر الشراكة للإستثمار في سوريا المستقبل: ” كان انعقاد هذا المؤتمر تأسيساً لصيغة عملية ومقاربة واقعية لكيفية النهوض بواقع مرير لاقتصاد يواصل رحلة انهياره إلى المجهول، وعلى الرغم من صعوبة المهمة وتشعب المسألة إلا أن الفرصة الحقيقة تكمن في تعزيز التواصل وتوحيد الجهود بين كافة المعنيين من جهة، والبناء على ما توصلنا إليه اليوم من جهة أخرى كنقطة انطلاق نحو آلية متكاملة للنهوض بالاقتصاد السوري وتحقيق استدامته عبر تأسيس شراكاتٍ اقتصادية عالمية، والترويج للفرص الاستثمارية في القطاعات المختلفة، وتطوير الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وعلى قدر هذه المسؤولية الجسيمة، تجدد دولة الإمارات العربية المتحدة التزامها بتوظيف خبراتها المتنوعة حول مختلف القطاعات الاقتصادية والتجارية لخدمة هذا التوجه، واستعراض تجربتها الرائدة كنموذج اقتصادي متميز، إضافة إلى تبادل المعرفة في كيفية إبراز المزايا الاستثمارية واستقطاب الاستثمارات الخارجية، بما ينعكس إيجاباً على نهضة الاقتصاد السوري انسجاماً مع أهداف المؤتمر”.
وأضاف معاليه :” نحن الذين نحب الخير والازدهار لسوريا وشعبها الكريم…. المسؤولية تقع علينا جميعاً في الانتقال باقتصاد سوريا إلى ضفاف الانتعاش والازدهار وبناء اقتصاد يعمل على خدمة مصالح جميع السوريين… اقتصاد حر ومتحرر من كافة قيود الروتين والبيروقراطية وضعف الانتاجية. إن تطلعاتنا وأهدافنا المستقبلية هي بأن يساهم القطاع الخاص في إعادة بناء وتنمية الإقتصاد السوري خاصة في ظل تواجد حكومة انتقالية مثقلة بالعديد من الأعباء والمسؤوليات وأهمها محاربة الفساد واستعادة الأمن والإستقرار لسوريا وتهيئة البيئة المناسبة والجاذبة للمستثمرين. كما ندرك جميعاً بأهمية تعزيز التواصل والتنسيق بين ممثلي القطاع الخاص السوري في الداخل والخارج من جهة وأهمية الاستثمارات الاجنبية المباشرة من جهة اخرى لدعم عملية استقرار الاقتصاد السوري المستقبلي. وفي هذا السياق، أود أن أعلن بان شركاتنا الوطنية قد عبرت عن اهتمامها للاستثمار في الاقتصاد السوري المستقبلي، ومن ضمن تلك الشركات الاماراتية: شركة طاقة، وشركة مبادلة للتنمية، وموانىء دبي العالمية، مصدر واتصالات”.
وأكد معاليه أنه “إذا كان هناك دولة ستبرز اقتصادياً من دول ما يسمى الربيع العربي، فهي سوريا. ونحن سنعمل مع أخوتنا في سوريا على بنائها، وهذه الكلمات نابعة من محبتي لسوريا، وأنا لا يعرف عني المجاملة، فبالرغم من كل ما يحدث في سوريا، لابد من وجود نافذة للتفائل”.
وختم معاليه بالقول: ” يحذونا الأمل في أن يكون مؤتمر الشراكة للاستثمار في سوريا المستقبل، بما ناقشه من موضوعات وما قدمه من طروحات، قد وفق في تأسيس قاعدة من التواصل البناء بين رجال الأعمال والمستثمرين السوريين، والشركات الإماراتية والعالمية، وصناع القرار والمعنيين بالشأن السوري. يحذونا الأمل بأن يكون المستقبل مشرقاً لأهلنا في سورية. يحذونا الأمل بأن تغطي فسحة النور ظلام الواقع المرير، لتبقى سوريا محوراً دائماً للاهتمام ولكن ليس للاحداث المأساوية وإنما للمشاريع والإنجازات الاقتصادية”.
وضمن ندوة حوارية مفتوحة في ختام المؤتمر، قال الدكتور أسامة القاضي، المنسق العام في مجموعة عمل اقتصاد سوريا: “في بيان عن إعلان نوايا للاستثمار في سوريا، وصل المبلغ لأكثر من خمسة مليارات دولار، وعد بها رجال أعمال سوريين للإستثمار في سوريا بمجرد سقوط نظام الأسد”.