مترجم – الغارديان
في استنتاج منطقي وغير قابل للنقض، أشار مقال تحليلي نشرته صفحات الغارديان اللندنية اليوم جاء فيه أنه قد تكون الحرب السورية على وشك الانتهاء، ولكن مع بقاء الأسد في السلطة لمدة سبع سنوات أخرى، لا تزال البلاد منقسمة.
و استهلّت الصحيفة مقالها باستذكار اليوم الذي أدى فيه الأسد قسم ولايته الجديدة قائلة إنه من فوق المنصة، وهو يؤدي اليمين يوم السبت الماضي، أعلن بشار الأسد نفسه الرجل الوحيد الذي يمكنه إعادة بناء سوريا.
وبدا أن ضيفه الأجنبي الأول، وزير خارجية الصين، وانغ يي، يعزز مزاعم الأسد، ويؤيد فوزه في استطلاع أيار/ مايو الذي وصفته بريطانيا وأوروبا بأنه “غير حر ولا نزيه” حيث قام الوزير بوضع حجر الأساس للبدء بمساعدة الأسد في مهمته.
وتضيف الغارديان أن حصة الصين البارزة في سوريا ما بعد الحرب كانت بشكل مباشر ووفقاً لقواعد لعبها التي تم تطبيقها في أماكن أخرى في الشرق الأوسط، وكذلك في آسيا وأفريقيا: هي عبارة عن استثمارات غير متوقعة مقابل الوصول المحلي وتأمين الغطاء العالمي.
ومع ذلك، يقول محللون ودبلوماسيون إنه حتى في ظل الهدوء النسبي، فإن سوريا ستقدم عوائد ضعيفة لسنوات قادمة.
وعن مدى جدوى استثمار كهذا تضيف الصحيفة أنه مع انتهاء الحرب في معظم أنحاء البلاد، أصبح اقتصاد النظام السوري الخاضع للعقوبات الشديدة في حالة دمار كبير وممتد على اتساع المدن والبلدات الواقعة تحت سيطرته، وقد تمزقت مكانة سوريا العالمية بسبب عقد من الصراع الذي لا يرحم، حيث إن الأمل في تحقيق اختراق سياسي يتوقف على الإطاحة بالزعيم ذاته الذي أعيد انتخابه للتو لمدة سبع سنوات أخرى.
كانت إعادة الإعمار أساسية في خطط حليفتي النظام، روسيا وإيران، لكن الصين الآن، والتي حافظت على سياسة أقل انخراطًا في القتال العنيف، تتحسس الفرص داخل البلد الممزق.
لقد كانت نجاحات الصين في الشرق الأوسط ثابتة وحذرة، وامتدت إلى الاستحواذ على حصص في حقول النفط العراقية وفي البنية التحتية الحيوية لدولة الإمارات العربية المتحدة.
وتقول الغارديان: بينما تغادر الولايات المتحدة أفغانستان، وتستعد لمغادرة العراق -بعد أن تخلى دونالد ترامب فجأة عن شمال شرقي سوريا قبل 18 شهراً- بدا أن باقي البلاد وكأنه انتصار سريع للدبلوماسيين الصينيين.
وتقتبس الصحيفة قول دبلوماسي بريطاني سابق لديه خبرة في سياسات بكين وشؤون الشرق الأوسط حيث أكد أن الصينيين “يستشعرون أي فراغ يصادفونه، خاصة إذا كان ذلك ينطوي على الاستفادة من أخطاء الولايات المتحدة”.
ويضيف الدبلوماسي: “لكن سوريا لا تزال ممزقة وغير قابلة للتسوية، حيث تحتفظ روسيا بحصة كبيرة في الشمال الشرقي، وتركيا لها نفوذ في جميع أنحاء الشمال الغربي، الذي يقع خارج سيطرة النظام، ولا يملك النظام سوى القليل من السيطرة على موارده، وقد طالب من العراق مراراً وتكراراً المساعدة، بالإضافة إلى الحصول على النفط من لبنان، مما زاد من النقص الحاد في الوقود في الخزانات اللبنانية”.
وقال دبلوماسي شرق أوسطي: “يجب على الصين أن تلقي نظرة حولها، إنهم يعتقدون أن هذا حزام وطريق، لكن هذا مجرد وهم فسوريا هي مجرد استثمار ضعيف بالنسبة لهم”.
وتنقل الصحيفة مصادقة الأسد يوم السبت على مشروع الحزام والطريق الصيني، وتقول إنه “وفي المقابل، حث وانغ على إلغاء العقوبات المفروضة على النظام، لكن كل من أوروبا والولايات المتحدة لا تزالان غير راغبتين في القيام بذلك طالما بقي الأسد في السلطة”.
وقالت إليزابيث تسوركوف، الزميلة في معهد نيولاينز: “أخذ الروس والإيرانيون الفوسفات، والروس استولوا على الميناء، وأقام الأصدقاء بناء شقق فاخرة للنخبة في دمشق، قلة من السوريين يستطيعون شراء اللحوم، لذا فهم بالتأكيد غير قادرين على إعادة بناء منازلهم، وإعادة بناء البنية التحتية ليست مربحة على الإطلاق”.
وقال مبعوث أوروبي لسوريا إن عملية إعادة الإعمار من المرجح أن تظل غير واقعية على الرغم من حماس الصين، وينبغي للمرء أن يتمنى أن يتوصل نظام الأسد وداعموه الدوليون إلى فهم أن تحقيق السلام هو دائماً أصعب من القصف والتدمير الذي يقود إلى نوع من الانتصار العسكري باهظ الثمن.
ويضيف المبعوث :”لا أحد يأتي لاستثمار مئات المليارات من اليورو والدولار أو الروبل أو أي عملة -في هكذا وضع – لإعادة إعمار البلاد في ظل هذه الظروف المروعة”.
فالمستثمرون يحتاجون في المقام الأول إلى تطمينات تخص استثماراتهم، هذا لا علاقة له بفرض القيم أو الشروط الغربية، إنه مجرد منطق تجاري عام سائد في كل مكان وزمان، وقد بذل هذا النظام جهوداً غير عادية لإقناع العالم بأسره بأن سوريا مجرد عرض تجاري رهيب.
وتختم الغارديان باقتباس لما يقوله أسامة قاضي، الاقتصادي السوري المقيم في أوروبا، حيث يؤكد أن الاقتصاد السوري في وضع أسوأ من أي وقت مضى منذ الحرب العالمية الأولى.
ويواجه السوريون اليوم مجاعة حقيقية حيث وصلت نسبة السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر في مناطق النظام السوري الواقعة تحت النفوذ الروسي إلى أكثر من 90٪، ويتراوح متوسط الراتب الشهري السوري بين 15 دولاراً و40 دولاراً، حتى راتب الوزير لا يتجاوز 40 دولاراً في الشهر”.