قام ماركو بولو الرحالة الإيطالي ابن عائلة تجارة المجوهرات الذي ولد عام 1254 برحلته عبر طريق الحرير إلى الصين، من أجل التجارة والثراء ونقل العلوم الأوربية للصين، لكنه لم يخطر بباله أنه في القرن الحادي والعشرين ستأتي الصين لتنعش الاقتصاد الإيطالي المتعثر عن طريق برنامج طريق الحرير الجديد، أو “مبادرة الحزام والطريق”، فقد وقّع الرئيس الصيني في مارس/آذار هذا العام 29 عقداً بقيمة 2.8 مليار دولار من أجل تشييد بنى تحتية في إيطاليا وربط الصين بالقارة الأوروبية، حيث أن إيطاليا هي آخر طريق الحرير الممتد من شي آن في الصين وينتهي في روما عابراً سمرقند وموسكو.
منذ أن زار الرئيس الصيني شي جين بينغ آسيا الوسطى وجنوب شرق آسيا في سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول 2013، وعرضه مبادرة البناء المشترك للحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين (المشار إليه فيما بعد باسم الحزام والطريق)، لفت أنظار العالم لهذا الطرح الذي سيؤثر في شكل التجارة العالمي في العقد القادم من هذا القرن.
شدد رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ في معرض الصين-الآسيان في عام 2013 على الحاجة إلى بناء طريق الحرير البحري، ودعم استراتيجية لتنمية المناطق النائية، كما أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ في عام 2013 تعيين ممر تجاري مزدوج جديد لإعادة فتح قنوات بين الصين وجيرانها في الغرب، أبرزها آسيا الوسطى والشرق الأوسط وأوروبا.
إن الخطة تم إصدارها رسمياً عام 2015 ستشمل المبادرة الطرق البرية “الحزام” والطرق البحرية “الطريق” بهدف تحسين العلاقات التجارية في المنطقة بشكل أساسي من خلال استثمارات البنية التحتية، والهدف من خطة الـ 900 مليار دولار، كما أوضحت الصين في الآونة الأخيرة، هو تأجيج “حقبة جديدة من العولمة”، وهو عصر ذهبي للتجارة يستفيد منه الجميع. وتقول بكين إنها ستقرض في نهاية المطاف ما يصل إلى 8 تريليون دولار للبنية التحتية في 138 دولة. وهذا يضيف إلى ما يصل إلى 65٪ من سكان العالم وثلث إجمالي الناتج المحلي العالمي، وفقاً لشركة الاستشارات العالمية ماكينزي.
وقال الرئيس إن إجمالي التجارة بين الصين ودول الحزام والطرق الأخرى في 2014-2016 قد تجاوز 3 تريليون دولار أمريكي، والتي ترجع إلى حد كبير إلى زيادة التوصيل والعمليات الاقتصادية التي تتسارع وتسير في أعقاب الاتفاقات. بالإضافة إلى ذلك، أعلن الرئيس شي لرفع رأس مال العديد من المنظمات المالية المتعلقة بالمبادرة، والمساهمة بمبلغ إضافي قدره 100 مليار يوان (حوالي 15 مليار دولار) لصندوق طريق الحرير، وأيضا بنك التنمية الصيني سيكون قادراً على إقراض حوالي 36 مليار دولار.
مبادرة الحزام والطريق تمثل مشروعاً منظماً بقيادة صينية، ولكن يتمنى الصينيون بناءه بشكل مشترك، من خلال التشاور من أجل تلبية مصالح جميع الأطراف، عبر دمج استراتيجيات التنمية في البلدان على طول الحزام والطريق، وقد قامت الحكومة الصينية بصياغة ونشر الرؤية والإجراءات حول بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير المشترك وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين لتعزيز تنفيذ المبادرة، وترسيخ حيوية طريق الحرير القديم، وربط البلدان الآسيوية والأوروبية والأفريقية وتعزيز التعاون متبادل المنفعة إلى مستوى عال جديد وأشكال جديدة.
يمتد الحزام والطريق عبر قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا، ويربط الدائرة الاقتصادية في شرق آسيا النابضة بالحياة من جهة، ويطور دائرة اقتصادية أوروبية من جهة أخرى، ويشمل البلدان ذات الإمكانيات الهائلة للتنمية الاقتصادية. يركز الحزام الاقتصادي لطريق الحرير على الجمع بين الصين وآسيا الوسطى وروسيا وأوروبا (بحر البلطيق)، ربط الصين بالخليج العربي والبحر المتوسط عبر آسيا الوسطى وغرب آسيا، وربط الصين مع جنوب شرق آسيا وجنوب آسيا والمحيط الهندي، كما تم تصميم طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين للانتقال من الساحل الصيني إلى أوروبا عبر بحر الصين الجنوبي والمحيط الهندي في طريق واحد، ومن الساحل الصيني عبر بحر الصين الجنوبي إلى جنوب المحيط الهادئ في الجانب الآخر.
أشارت مؤسسة مركز الأمن الأمريكي الجديد إلى المخاطر والتحديات الأساسية المرتبطة بمشاريع الحزام والطريق، وعاير حالات كثيرة دخلت الصين فيها البلاد بمشاريعها، وحددت المؤسسة سبعة مخاطر من جراء هذا التمدد الصيني، على رأسها تآكل السيادة الوطنية حيث وضعت الصين يدها على مشاريع كثيرة للبنية التحتية في دول العالم، كذلك الافتقار إلى الشفافية حيث تتميز العديد من المشاريع بعمليات مناقصة مبهمة للعقود والشروط المالية التي لا تخضع للتدقيق العام، إضافة إلى أعباء مالية كبيرة حيث أدى الإقراض الصيني إلى زيادة مخاطر التخلف عن سداد الديون أو صعوبات السداد، في حين أن بعض المشاريع المكتملة لم تنشأ عنها عائدات كافية لتبرير التكلفة، إضافة إلى عدم نقل الخبرات إلى باقي العمال المحليين، حيث غالباً ما تتضمن مشاريع الحزام والطريق استخدام الشركات الصينية والعمالة، وفي الغالب تنطوي معظم العقود على ترتيبات غير عادلة لتقاسم الأرباح، إضافة إلى المخاطر الجيوسياسية، حيث يمكن لبعض مشاريع البنية التحتية التي تمولها أو تبنيها أو تديرها الصين أن تعرض البنية التحتية للاتصالات في الدولة المتلقية للخطر.
سد كوكا كودو سنكلير الكهرومائي في الإكوادور كان عرضة لستة تحديات من السبعة المذكورة، و مجمع الفضاء في الأرجنتين أربعة تحديات من سبعة، وسكة حديد بودابست – بلغراد في المجر لثلاثة تحديات، و مشروع التعرف على الوجه في زمبابوي لأربعة تحديات، وثلاثة تحديات في ميناء حيفا في إسرائيل، وخمسة تحديات في مصانع الفحم في باكستان، وأربعة تحديات في خط الأنابيب الصيني التركماني في طاجيكستان، وأما في بورما فإن مشروع ميناء كياوكبيو تعرض للتحديات السبعة مجتمعة، وثلاثة تحديات لسكة حديد جاكرتا – باندونج عالية السرعة في إندونيسيا.
بينما الصين تبرر أن الاستثمار في هذا المشروع على المستوى الدولي يسعى لتطوير البنية التحتية للمواصلات، بموجب مبادرة الحزام والطريق الذي يساعد في حل مشاكل الصين بما يسمى “معضلة ملقا”، في إشارة إلى المضيق الضيق بين شبه جزيرة الملايو وجزيرة سومطرة الإندونيسية، الذي يوفر أقصر طريق بحري من شرق آسيا إلى أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط.
قامت مبادرة الحزام والطريق بتطوير ميناء جديد في مدينة ملقا الماليزية يمكن أن يعمل كبديل لسنغافورة في أبريل 2016، وأعلن وزير النقل ليو تنغ لاي أن الصين تستثمر 10 مليارات دولار لتطوير أعماق البحار في ميناء في ملقا، والذي سيكون الأكبر في المنطقة عند اكتماله في عام 2025. بالإضافة إلى بوابة ملقا، الصين تنفق 2.84 مليار دولار على ميناء كوالا لينجي، 1.4 مليار دولار أمريكي على ميناء بينانغ، و 177 مليون دولار على ميناء كوانتان.
في موازاة ذلك، تهدف مبادرة الحزام والطريق إلى تجاوز مضيق ملقا عبر الاستثمارات في ميانمار. ميانمار مهمة للغاية للصين التي أنشأت خطوط أنابيب النفط والغاز والسكك الحديدية والمجمعات اللوجستية، لجلب النفط إليها من كونمينغ (مقاطعة يوننان) مباشرة من الشرق الأوسط، وتصدير البضائع الصينية. الأولوية ذات الصلة هي لربط كياكبو وكونمينغ عبر خط سكة حديد 1200 كم.
ما يقدر بنحو 80 في المئة من إجمالي الصين من إمدادات الطاقة تأتي من الشرق الأوسط، وتمر عبر مضيق ملقا، وإن أي تعطيل لحركة المرور على المضيق بدءاً من القرصنة إلى حصار بحري محتمل من قبل الولايات المتحدة أو حلفائها سيكون لديهم تأثير فوري على وصول الطاقة للصين.
من خلال مبادرة الحزام والطريق، تُطور الصين عدة طرق بديلة لـنقل الطاقة وغيرها
من أجل الإمدادات الحرجة، وتشمل هذه الممرات الاقتصادية بين الصين وميانمار، والممر الاقتصادي بين الصين وباكستان، والممر الاقتصادي بين بنغلاديش والصين والهند وميانمار، لا يمكن أن تحل هذه الطرق البرية بديلاً كلياً لطريق الشحن عبر جنوب شرق آسيا، لكن من المرجح أنه سيقلل من اعتماد الصين على مضيق ملقا كقناة للنفط والواردات الأخرى.
من المحتمل أن القروض الصينية التي ساعدت الشركات الصينية على بناء ميناء هامبانتوتا في سريلانكا وميناء جوادار في باكستان، لم يتم تقديمها ببساطة لتسريعها التجارة البحرية عبر المنطقة، بل إنها بذلك تمكن الصين الوصول إلى هذه المنافذ، بما فيها السماح لها بإرساء سفنها العسكرية والقيام بدوريات في المناطق المحيطة لأن هذه المشاريع جعلت حكومات البلدان النامية مدينة للصين، ما خلق بعض النفوذ والتحقق من إبعاد هيمنة القوى الكبرى الأخرى في المنطقة، ولا سيما الولايات المتحدة.
تستخدم الصين مبادرة الحزام والطريق كتعزيز لصورتها الريادية العالمية كقائد داخل آسيا، ويجعل الصين شريكاً حقيقياً في التنمية الدولية على مستوى عالمي.
يمكن اعتبار ميناء بيرايوس اليوناني أحد أهم قصص نجاح مبادرة الحزام والطريق. منذ أن تم تأجيرها بالنسبة إلى شركة النقل الجبارة “كوسكو”، التي بلغت أصولها الثابتة 125 مليار دولار وعائداتها 44 مليار دولار في عام 2020، أصبح الميناء أحد أسرع موانئ الحاويات نمواً في العالم، حيث ارتفع إلى المرتبة 36 احتلت المرتبة الأولى في التصنيف العالمي لحركة الحاويات، من المرتبة 93 في عام 2010.
خلافاً للتهم التي توجه للصين أنها توظف عمالاً صينيين بشكل هائل في مشاريعها، يضم الميناء عشرة موظفين صينيين فقط ويعمل به 1000 موظف يوناني، كما أنه أوجد فرص عمل محلية غير مباشرة كبيرة. وقد رفضت الحكومة اليونانية خطة استثمار إضافية بقيمة 600 مليون يورو على أساس الاكتشافات الأثرية. نتيجة لذلك، تتطلع الصين الآن إلى الاستثمار في الموانئ الإيطالية ترييستي وجنوة.
قامت شركة كوسكو باستحواذ على شركة نوتوم بورت القابضة إن بي إتش، أكبر مشغل للموانئ والمحطات في إسبانيا، حيث كانت خطوة استراتيجية أكثر أهمية حتى من خطوة بيرايوس. مع بيرايوس في الشرق وفالنسيا في غرب البحر الأبيض المتوسط، تعمل الصين على تنويع مصالحها، من خلال التحكم في شركتي نوتام وكوسكو، لا تتحكم موانئ الشحن سي إس بي في فالنسيا، ميناء الحاويات الرئيس في البلاد فحسب، بل تتحكم أيضاً في بلباو التي تتمتع بخدمات الشحن البحري القصيرة مع روتردام وشمال أوروبا.
بالإضافة إلى ذلك، الآن تتحكم الصين في المحطات الداخلية لمدريد وسرقسطة شنال شرق إسبانيا، وإن اهتمام الصين الأخير بموانئ ترييست وجنوة الإيطالية يكمل صورة تحكم الصين في شمال البحر الأبيض المتوسط.
ترتبط جنوة في شمال إيطاليا جيداً بالسكك الحديدية وهي موقع مفصلي بالنسبة للتوزيع إلى روتردام الهولندية، بينما تخدم ترييست الإيطالية ليس فقط وسط وشرق أوروبا، ولكن أيضاً الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في شمال البحر الأدرياتيكي، وهي سلوفينيا وكرواتيا والبوسنة وربما على طول الطريق وصولا إلى الجبل الأسود وألبانيا.
الحكومة الصينية تتفهم أن هذا يعدّ تحدياً للولايات المتحدة كقائد عالمي، لكن الصين تريد أن تنهي صورتها كدولة منعزلة، وهي ترى أن مبادرة الحزام والطريق تشبه خطة مارشال الأمريكية لأوروبا، وهي نوع من أنواع دبلوماسية “القوة الناعمة”.
إضافة إلى أن هذا المشروع يمكّن الصين من لتحكم في الشحن والنقل وتسريعهما. تركز معظم مشاريع الحزام والطريق التي بدأت بالفعل على البنية التحتية المادية، من مثل حفر أنابيب النفط والغاز عبر آسيا الوسطى، بناء عالي السرعة، وممرات السكك الحديدية في جنوب شرق آسيا، حتى أنها تمد خط قطار شحن بطول 7500 ميل من ييوو في الصين إلى لندن.
بكين تبني نظاماً تكون فيه طرق العالم متصلة عبر الصين، وتسعى للسيطرة على البنية التحتية للنقل حيث تعدّه أمراً حاسماً في التحكم بكيفية التجارة والسفن في العالم الآن وفي المستقبل.
تسعى الصين إلى تطوير ما أطلق عليه البعض “البنية التحتية اللينة”، للإشارة إلى الاتفاقيات الثنائية طويلة الأجل التي تم إنشاؤها من خلال حزم المساعدات والصفقات التجارية والاتفاقيات الحكومية الدولية، التي تحفز الدول لإعادة توجيه المجالات الاقتصادية والسياسية كي تضع الصين في موقف أكثر قوة.
خذ مثلا كوليدور الاقتصاد الصيني الباكستاني سي بي إي سي، على سبيل المثال. إنها سلسلة من مشاريع البنية التحتية التي سوف تربط شينجيانغ، وهي منطقة غرب الصين، بباكستان عبر سلسلة من مشاريع الطاقة والسكك الحديدية والطرق السريعة، ويتوقع الموظفون الباكستانيون أن الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني سيخلق ما يزيد عن مليوني وظيفة، ويساعد في حل مشكلة باكستان المستمرة مشكلة نقص الطاقة، وتوفر طريقاً بديلاً لآسيا الوسطى وغرب الصين.
كما أن الصين أدركت ضرورة وجود عملة عالمية توفر رافعة مالية في الأسواق المالية الدولية. نظراً لأن مشاريع الحزام والطريق يتم تمويلها وإنشاؤها، وتديرها شركات صينية، ويمكن إجراء المدفوعات واستلامها بالعملة الصينية.
شاركت الصين في البناء والتشغيل حتى 2018، حسب تقرير 2020 لمنتدى النقل العالمي، لـ 42 ميناء في 34 دولة، بما في ذلك موانئ بيريوس (اليونان)، هامبانتوتا (سريلانكا)، جيبوتي، وجوادار (باكستان)، وعلى الرغم من أن مبادرة الحزام والطريق تتطلع إلى الخارج بشكل أساسي، إلا أنها تحدد أيضاً الموانئ الصينية التي تمثل البوابات العالمية، حيث قامت بتوسيع 15 ميناء ساحلياً، وهي شنغهاي وتيانجين ونينغبو، قوانغتشو، شنتشن، تشانجيانغ، شانتو، تشينغداو، يانتاى، داليان، فوتشو، شيامن، تشيوانتشو، هايكو، وسانيا.
في الواقع، تطور استخدام اليوان بشكل أسرع في البلدان التي فيها مشاريع الحزام والطريق مقارنة ببقية دول العالم، وفي الآونة الأخيرة، الصين وباكستان ودول أخرى عديدة وافقت على إجراء معاملات تجارية ثنائية بعملاتها الخاصة، حيث وصلت التسوية عبر الحدود إلى 19.67 تريليون يوان صيني عام 2019 وبارتفاع تداول بنسبة 24.1٪ على أساس سنوي، حتى وصلت في شهر ديسمبر/كانون الأول 2020 إلى 1.98 تريليون يوان صيني في شهر واحد فقط.
أعتقد أن أي دولة لا تمتلك رؤية اقتصادية استراتيجية ضمن المتغيرات الدولية الاقتصادية ستفقد دورها، وربما وجودها على خريطة الاقتصاد العالمي في العقد القادم من هذا القرن، لذلك فالمفترض أن تبحث الدول العربية عن دورها في طريق الحرير، سواء كجزء من أحد الحزامين الاقتصاديين التي حددتهما الصين، أو ضمن واحدة من الممرين (كوليدور) الاقتصاديين القادمين من الصين وطاجكستان وباكستان.
لدى الصين خطة الـ 900 مليار دولار من أجل تأجيج “حقبة جديدة من العولمة”، وذلك لتأسيس عصر ذهبي للتجارة يستفيد منه الجميع حسب الزعم الصيني، وتقول بكين إنها ستقرض في نهاية المطاف ما يصل إلى 8 تريليون دولار للبنية التحتية في 68 دولة، والسؤال ما هي حصة الدول العربية من بناء البنية التحتية الضخم القادم من الصين؟ وهل ستستفيد منه أم أنه سيغرقها بالديون، ومن ثم ستضطر للتخلي عن سيادتها الاقتصادية وربما السياسية للصين؟
الهدف المعلن هو مساعدة الدول في بناء بنيتها التحتية، لكن مما لاشك فيه أن مبادرة طريق الحرير هدفها الرئيس تمكين الصين من بيع منتجاتها، وإغراق العالم بالبضائع الصينية، وإيجاد أسواق جديدة لها وهذا مفهوم، ولكن هل الدول العربية جاهزة لترى دورها ضمن طريق الحرير كي تلعب دوراً أكبر من عملية تمرير البضائع متجاوزة الرؤية الاستهلاكية إلى طرح منتجات عربية الصنع في عالم الصناعة والتكنولوجيا؟
إن إهمال الجانب التصنيعي في العالم العربي يجعل الفائدة من مرور مشروع الحزام والطريق ضعيف جداُ، بل ستقتصر عندها المنطقة العربية بأن تكون ممراً تجارياً للبضائع الصينية وسوقاً لاستهلاكها.
د.أسامة قاضي