سجلت الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي أكبر هبوط تاريخي لها، رغم محاولات المصرف المركزي السوري لضبط سعرها، إذ بلغت قيمتها أمام الدولار الأمريكي الواحد اليوم (الجمعة) 807 للمبيع، و 803 سعر الشراء.
ويتزامن تراجع قيمة الليرة مع يوم الجمعة السوداء في العالم، والذي يتم خلاله خفض أسعار المنتجات في معظم الدول، في حين أن المواطن السوري يواجه عجزا عن توفير متطلباته الأساسية؛ بسبب أزمة الليرة والوضع الاقتصادي القائم، إذ تهاوت الليرة السورية مؤخرا بشكل متتابع منذ مطلع الشهر الحالي إذ وصل سعر الصرف 660 ليرة للدولار الواحد، بعد ثباتها خلال الشهر الماضي عند 630 للدولار، في وقتٍ يقف فيه نظام “الأسد” عاجزاً عن تحسين قيمتها أو ضبطها على الأقل.
وحول انخفاض سعر صرف الليرة السورية، بالنسبة للعملة الأجنبية، أكد المحلل الاقتصادي “د.أسامة قاضي” رئيس مجموعة عمل اقتصاد سوريا في تصريح خاص لـ “أزمات”، أن واقع الليرة السورية إلى الآن لا يعكس بشكل حقيقي الواقع الكارثي للاقتصاد السوري، وانخفاض العرض وضعف الطلب فضلا عن البيئة غير الآمنة، مردفاً بقوله: “سعره الحقيقي للأسف أسوأ من سقف الـ 800 ليرة التي وصلت إليه”.
أسباب انخفاض سعر صرف الليرة
وعلل “قاضي” أن السبب وراء ذلك يعود إلى الوضع الاقتصادي الخانق في لبنان بالضغط على التجار السوريين لشراء العملة الصعبة من السوق السوداء في سوريا، مشيراً إلى أن الضغوط على الليرة السورية ازدادت حدة مع الثورات التي انطلقت في العراق وإيران، بالنظر إلى كونهما الدول الداعمة لسوريا، و بحكم الظرف الواقع لديهم حالياً، يصعب الوقوف إلى جانب النظام السوري في محنته.
وعن تبعات سقوط الليرة، أوضح “قاضي” لـ “أزمات”، أن السعر المتهاوي للعملة السورية يعكس بشكل بسيط جدا انخفاض “كارثي” في مساهمة الزراعة والصناعة والنفط والتجارة في ناتج الدخل القومي، وتابع بأن “تدمير معظم البنية التحتية، إضافة إلى واقع تهجير نصف الشعب السوري وتجويع ١٣ مليون منه، وجعل ثلثي الشعب غير آمن غذائيا وأكثر من 80 % تحت خط الفقر، و أكثر من ثلثيه عاطل عن العمل، وانعكاسا لهبوط العملة المحلية أكثر من 15 ضعفا، وتضخم فاق 400%، وخسارة 17 مليار دولار من الاحتياطي النقدي، وفقدان مداخيل الثروة النفطية منذ 2012”.
وأضاف بأن الانخفاض الحاد في سعر الليرة وفر أكثر من مليار ونصف دولار من موازنة 2020، والتي قيمتها 4 تريليون ليرة سورية وأكثر من 200 مليون دولار من كتلة الرواتب، وزيادة رواتب حوالي 20 دولار في الرواتب قابلها انخفاض أكبر في قيمة العملة، مما يضعف القوة الشرائية للمواطن السوري لدرجة كارثية.
الموازنة العامة
وفي ظل هذا السقوط المدوي لليرة، أصدر الرئيس السوري ” بشار الأسد”، المرسوم التشريعي رقم 25، والقاضي باعتماد مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2020.
وحدد المرسوم الصادر أمس (الخميس)، أن صرف الاعتمادات المرصودة لرؤوس الأموال العاملة للجهات العامة ذات الطابع الاقتصادي” مرهون بقرار من وزير المالية، بحسب ما ذكرته وكالة “سانا” الرسمية السورية.
وكان مجلس الشعب أقر، يوم (الثلاثاء) الماضي، مشروع قرار الموازنة العامة، والتي حددت اعتمادات موزانة العام المقبل بنحو 4 آلاف مليار ليرة سورية (9.216 مليار دولار حسب تسعيرة المصرف المركزي السوري).
يذكر أن الليرة السورية بدأت تتهاوى منذ 2011، بشكل تدريجي، تخللتها فتراتٌ قليلةٌ من التحسن سرعان ما تراجعت بعدها، لتبلغ ذروة انهيارها عام 2016 حين وصل سعر صرف الليرة مقابل الدولار إلى 645 ليرة، بينما وصلت قيمة الليرة نهاية الأسبوع الماضي إلى 750 ليرة أمام الدولار، وسط تخوفٍ من انهيار قيمتها مجدداً إلى مستوياتٍ غير مسبوقة.