تشهد الليرة السورية، هبوطًا حادًا، بعد أن تخطى الدولار الأمريكي الواحد، حاجز الـ 600 ليرة سورية لأول مرة، منذ أن هبطا قيمة الليرة نصف قيمتها عند دخول القوات الروسية لسوريا في 30 سبتمبر 2015 حيث كان سعر الدولار آنذاك 336 ليرة سورية.
واعتبر حاكم مصرف سوريا المركزي في نظام الأسد، حازم قرفول، في اتصال مع قناة “الإخبارية السورية” أمس الأربعاء، أنَّ ارتفاع سعر الصرف “وهمي وليس حقيقي، وليس له أيّ مبررات اقتصادية مرتبطة بالأرض الاقتصادية إطلاقًا”. متهمًا بعض التجار بـ “التلاعب بسعر السوق”.
السبب بالنسبة للنظام
أرجع قرفول، سبب ارتفاع سعر الصرف لما وصفه بـ “الحملة الممنهجة ضد سوريا، وتترافق مع قانون العقوبات الأمريكية سيزر الذي فرضته الإدارة الأمريكية”. مؤكدًا في الوقت ذاته أنهم “سيصمدون اقتصاديًا مثلما صمدوا سياسيًا وعسكريًا”.
أسباب انخفاض قيمة الليرة السورية
يقول الدكتور أسامة قاضي، رئيس مجموعة عمل اقتصاد سوريا، إنَّ ما تبقى من “الاقتصاد السوري” يعيش حالة من استنزاف الموارد والثروات المالية والبشرية، تجعله اقتصادًا هشًا وحساسًا لأيَّة تغيرات سياسية أو عسكرية أو اقتصادية، فضلًا عن التخبط في السياسة النقدية.
ويضيف قاضي، في تصريح خاص لوكالة “ستيب الإخبارية”، أنَّ هذا الأمر يجعل من أيِّ سعرٍ لليرة السورية “غير حقيقي” مستندًا على الضبط الأمني، وليس الأداء الاقتصادي الرديء في ظلِّ تأخر الحل السياسي واستمرار الآلة العسكرية في سحق الشعب السوري.
وتابع قوله، خاصة بعد أن تخلّت الحكومة عن دعم أيّة عملية استيراد، إلا بعض السلع الضرورية والمحدودة حسب التعميم 8/1804 بتاريخ 29/4/2019، وقامت الحكومة بتثبيت سعر غير واقعي وهو 434 ليرة سورية للدولار.
الاضطرار للسوق السوداء
أشار قاضي، إلى أنَّه ومع عدم توفر إلا النذر اليسير من القطع الأجنبي بهذا السعر في المصرف المركزي، فإنَّ المستوردين مضطرين للجوء إلى السوق السوداء بسعر 612 ليرة للدولار حيث يكون سعر الليرة أقرب لواقع السوق بعيدًا عن هيمنة المصرف المركزي.
وأضاف، أنَّه ورغم المعالجات الأمنية للسوق السوداء عن طريق “هيئة مكافحة غسل الأموال” يصعب ضبط الحاجة الماسة لتمويل المستوردات، فالرقع اتسع على الراقع، فضلًا عن تفهم أنَّ تسديد بعض الديون الائتمانية وغيرها يكون في نصف السنة وآخرها مما يزيد الطلب على القطع.
واستدرك، أنَّ عودة المزيد من المناطق لسيطرة نظام الأسد، قد زاد من حجم الطلب ومسؤوليات النظام الاقتصادية من ناحية، وحرمها من بعض التحويلات التي كانت تصل الأهالي جراء التهجير من ناحية أخرى، بالإضافة إلى بث المزيد من الذعر في السوق خاصة مع إدراج شخصيات ومؤسسات في قائمة الحظر والمقاطعة الأمريكية التي تعد بأن تكون بالمرصاد لمن يتعامل مع النظام السوري قبل الحل السياسي في شأن إعادة الإعمار.
أسباب الطلب على العملة الأجنبية
أوضح، رئيس مجموعة عمل اقتصاد سوريا، أنّ هذا الأمر يُربك أو يعطل تحويلاتهم المالية لبناء مشاريع داخل سوريا، وكان آخرها قائمة “سامر الفوز” وآخرين معه مما يُبدد جهود الحملات الإعلامية في رسم ملامح وردية للإعمار والأمان قبل الحل السياسي، وكذلك مع ازدياد حدة المقاطعة على حلفاء النظام وخاصة إيران، دفع لزيادة الطلب على القطع الأجنبي الشحيح أصلًا.