كان مؤتمر هذا العام، الذي استمر ثلاثة أيام، من 19 إلى 22 تشرين الأول/ أكتوبر، في ولاية كاليفورنيا الأميركية، حافلًا بنشاطات سياسية واقتصادية وإعلامية وفنية، شارك فيه نخبة من الخبراء السوريين والأميركيين، أما المتحدثة الرئيسة في المؤتمر فكانت الصحافية أروى ديمون، وهي من أب أميركي وأم سورية، وغادرت مبكرًا إلى تركيا منذ سنوات طويلة.
تحدثت أروى ديمون، وهي مراسلة لقناة (سي إن إن) الأميركية، في جلسة يوم الجمعة 19 تشرين الأول/ أكتوبر، عن تغطيتها لأحداث الثورة السورية في بداياتها عام 2011، وكيف تخفّت في صندوق سيارة شاحنة كي تصل إلى حي برزة، لتنقل من هناك مشاهد تظاهرة حيّةً على الهواء مباشرة، بعيدًا عن أجهزة المخابرات التي كانت توجه الصحافيين الأجانب بحيث ينقلون أخبارًا مفبركة. وكانت قبلها قد غطت أحداث العراق، وكل منطقة الشرق الأوسط، وما تزال، وهي تغطي هذه الأيام حادث مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي وملابساته.
تم تشكيل المجلس الأميركي – السوري عام 2005، وفي ذلك يقول الدكتور زكي لبابيدي رئيس المجلس: “كانت الحاجة ماسة إلى تشكيل كيان سياسي للسوريين الأميركيين في الولايات المتحدة، أسوة بمعظم الجاليات الأخرى التي شكّلت كيانات خاصة بها، لتشرح للحكومة الأميركية ولمجلسي النواب والشيوخ حقيقة ما يجري في بلدانهم بشفافية، ومطالبهم من أميركا، ونحن تنادينا وأسسنا هذا المجلس في وقت مبكر من عام 2005، واستطعنا بجهود متواصلة عقد صداقات مع العديد من أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب، ومع مسؤولين بارزين في وزارة الخارجية الأميركية، تبنوا مطالبنا ودافعوا عن حقوق الشعب السوري ضد نظام الأسد، قبل الثورة وخلالها، كما استطعنا تأمين المساعدة للاجئين السوريين في دول الجوار السوري، وساعدنا اللاجئين الذين وصلوا إلى أميركا في تأمين مستلزمات استقرارهم الإدارية وتأهيلهم للاستقرار والعمل.
السيدة سوزان مريدن، المديرة التنفيذية للمجلس، وهي من الشخصيات السورية الأكثر نشاطًا في أميركا، قالت: “كان الهدف الأساس من المجلس هو تجمع السوريين الأميركيين في كيان موحد ينطق باسمهم عند صناع القرار في الولايات المتحدة، فضلًا عن مساعدة بعضهم البعض، والتواصل مع السوريين في الشتات والداخل السوري لمعرفة نشاطاتهم وهمومهم واحتياجاتهم، ولتجميع كل طاقات السوريين للعمل من أجل سورية ديمقراطية حرة تساوي بين كل أفرادها دون تمييز.
الدكتور أسامة قاضي، رئيس مجموعة عمل اقتصاد سورية، في محاضرته المهمة، حول سيناريوهات إعادة الإعمار في مستقبل سورية من وجهة نظر الاقتصاد السياسي، التي هي نتيجة لسيناريوهات الحل السياسي، قال: “إن لقاء هلسنكي بوتين – ترامب الذي عقد في 16 تموز/ يوليو 2018 في هلسنكي – فنلندا، أشبه بلقاء بوتسدام في 17 حزيران/ يوليو 2 – آب/ أغسطس 1945، الذي أُقرَّ به تقسيم ألمانيا إلى مناطق نفوذ للدول المنتصرة”، واستعرض القاضي سيناريو نجاح روسيا في امتداد سيطرتها على مناطق واسعة، وأسماها “سيناريو الشيشان” الذي لم يجلب أمانًا حقيقيًا أو انتعاشًا اقتصاديًا لجمهورية الشيشان، على الرغم من مرور أكثر من عشرين سنة على فرض الروس سيطرتهم عليها، باتباع سياسة الأرض المحروقة في غروزني 1995.
واستعرض القاضي سيناريو بقاء مناطق النفوذ على ما هي “سيناريو ألمانيا الغربية”، وهو أشبه بوضع ألمانيا الغربية عقب نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث كانت عبارة عن مجموعة مناطق نفوذ أميركية وبريطانية وفرنسية، وهكذا تصبح سورية الشمالية وفق هذا السيناريو منطقتي نفوذ تركية – وأميركة، كما استعرض نجاح تجربة ألمانيا، عندما توحدت الألمانيتان بعد عقود، عقب تغير الخارطة السياسية الدولية، ومن ثم طرح السيناريو الأخير، وهو “سيناريو المقاومة”، ورأى أن مظاهره بدأت في مناطق (درع الفرات) مؤخرًا، حيث أمّن الناس على أرواحهم، وقدّر لكل سيناريو معدلات نمو للاقتصاد السوري المتوقعة وفترة إعادة الإعمار، وأقرّ بأن هذه ليست كل السيناريوهات المتوقعة، ولكن هذا ما استطاع الحديث عنه ضمن الوقت المتاح لمحاضرته.
الأستاذ وائل الزيات كانت له مداخلة سياسية مهمة، لكونه شغل سابقًا منصب كبير المستشارين السياسيين للسفيرة الأميركية لدى الامم المتحدة سامانثا باور، ومنصب منسق الوضع السوري مع السفير روبرت فورد، حيث أكد على وضوح السياسات الأميركية في عدم التدخل خلال عهد أوباما، وأن أولويته كانت إنجاز الاتفاق النووي الإيراني مع الغرب، وعدم التدخل في سورية، والتأكيد على سياسة “لا غالب ولا مغلوب”.
كما ألقت الدكتورة لينا مراد، رئيسة منظمة الأميركيين من أجل سورية حرة، الضوء على دور المنظمات السورية الأميركية المعنية بالتوعية السياسية، وخاصة مع حجم تعقيد عملية صياغة القوانين في الولايات المتحدة، مثل قانون قيصر (سيزر)، التي تمر بسبعة مراحل طويلة تحتاج إلى مساعدة كل المنظمات السورية – الأميركية، كل حسب تخصصها، فبرأيها المنظمة التي تختص بالتوعية لا تستطيع وحدها جمع الأموال اللازمة للحملات الانتخابية مثلًا، ولا بدّ للعمل المشترك بين المنظمات الأميركية – السورية، من التكامل، لإنجاز هذا الهدف وغيره.
المخرج السوري الأميركي سام قاضي تحدث عن دور فيلمه الوثائقي (غاندي الصغير) في شرح قضية الثورة السورية حول العالم، وعن تقديمه لعرض مؤثر في برنامج (تد) الأميركي الذي يشاهده 13 مليون متابع عن الثورة السورية، ودور السينما والإعلام الكبيرين في إيصال صوت الثورة للشعوب والحكومات.
أما المغني الأميركي ديلان، الذي غنى للثورة، منذ انطلاقتها في درعا حتى الآن 10 أغنيات كان أولها (فزعة فزعة لحوران)، وآخرها (إدلب)، فقد اعتبر أن الثورة السورية هي ثورة حرية وكرامة تمثل إرادة كل الشعوب، وأنه سيظل جزءًا منها.
كما حفل المؤتمر بمداخلة مباشرة من سراقب في محافظة إدلب، وحوار شفاف وعميق حول مستقبل العملية السياسية والأوضاع المعاشية والتعليمية والصحية في المحافظة وآليات دعمها.