بيان صادر عن مجموعة عمل اقتصاد سوريا – الزراعة المحمية والصناعة الزراعية في سوريا المستقبل .
أصدرت مجموعة عمل اقتصاد سوريا تقريرها الرابع من الخارطة الزراعية السورية بعنوان ” الزراعة المحمية والصناعة الزراعية في سوريا المستقبل ” حيث ناقش التقرير وجوب تكامل الصناعة والزراعة لتحقيق النمو الاقتصادي , كما ناقش التقرير سبل تطوير الزراعة المحمية مع طرحه للعديد من التوصيات .
وقدّم للتقرير الدكتور أسامة قاضي رئيس مجموعة عمل اقتصاد سوريا حيث أكدّ على إعادة تقييم دور الزراعة في عملية التنمية وإعادة تقييمها من وجهة نظر مساهمتها في التصنيع وأهميتها لتحقيق التنمية المتناغمة والاستقرار السياسي والاقتصادي , كما أكد أن التصنيع الزراعي في سوريا يتطلب الحصول على التكنولوجيا الزراعية، وعلى خلق بيئة تشجّع البحث العلمي، كي تقوم سوريا بتطوير القطاع الزراعي وتصدير فوائضها بعد تغطية حاجتها الزراعية .
الزراعة المحمية صناعة استثمارية زراعية .
تعدّ الزراعة المحمية صناعة استثمارية زراعية، يوضع فيها رأسمال ضخم لإنتاج محاصيل زراعية في غير أوقات زراعتها، حيث تمثل الزراعة المحمية التي تتسم بارتفاع الانتاجية أحد الأساليب الناجحة للاستفادة القصوى من الموارد المائية، إذ يمكن من خلالها تحقيق مستويات إنتاجية قياسية تتجاوز عشرين ضعفاً في البيوت المحمية وبكميات من المياه لا تتعدى 50 في المائة بالمقارنة مع الزراعة المكشوفة. ويعني ذلك أن كفاءة مياه الري في هذه البيوت تبلغ حوالي 40 ضعفاً بالمقارنة مع الزراعة المكشوفة، بالإضافة إلى التركيز على إنتاج المحاصيل ذات القيمة العالية القابلة للتصدير.
الأهمية الاقتصادية للزراعة المحمية
تكمن الأهمية الاقتصادية للزراعة المحمية في إحداث تغيير حقيقي في البنية الزراعية من خلال تنويع القاعدة الإنتاجية بزيادة الإنتاج الزراعي المحلي، مع التركيز على الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية والمحافظة عليها، وزراعة المحاصيل ذات الاستهلاك القليل للمياه. وتبرزأهمية الاعتماد على الزراعة المحمية التي تستخدم بها أحدث التقنيات الزراعية (من سقاية بالتنقيط إلى استخدام أفضل أصناف البذار المحسنة والمهجنة)، نظراً لما توفره من فرص لإنتاج محاصيل الخضراوات في غير موسمها. إضافة إلى غزارة في الإنتاج، وبالتالي الزيادة الكبيرة في العائد والأرباح نظراً لقصر دورة الرأسمال، والاستفادة من تسويق الإنتاج في الوقت المناسب.
يعاني القطاع العام عموما والقطاع الصناعي العام ( وضمناً التصنيع الزراعي) بشكل خاص من تدني الكفاءة وانخفاض الانتاجية، وبسبب انتشار الفساد في كافة أطناب الحياة العامة السورية والاقتصادية خاصة، فإن مصير الاستثمارات في القطاع العام يتعرض لمخاطر النهب.
د. عبد العزيز ديوب : أسباب عديدة سببت الانتقال للزراعة التكثيفية كبديل عن الزراعة النمطية .
وذكر معد التقرير الدكتور عبد العزيز ديوب عدة أسباب أدت للانتقال للزراعة التكثيفية كبديل عن الزراعة النمطية مع الإبقاء عليها , كتنامي زيادة عدد السكان وتناقص المساحات الزراعية لأسباب مختلفة منها البناء والتصحر وغيرها , إضافة إلى تنامي احتياجات البشر لثمار الخضروات والفاكهة في كافة الفصول فكانت الزراعة المحمية بكافة أشكالها حلاً مناسبا حقق توفير الثمار المرغوبة .
الزراعة المغطّاة , الزراعة داخل البيوت البلاستيكية والزجاجية , والزراعة المائية , إحدى أهم أشكال الزراعة المحمية الواجب تطويرها في سوريا ( يشرح التقرير بشكل مفصل كل زراعة على حدى )
تربية الدواجن , الأسماك , المفاطر , والنعام لتمكين التنمية الزراعية المستدامة .
تجد التنمية الزراعية المستدامة مكانة هامة في كافة المجالات المجتمعية وخاصة في مجال البطالة حيث تؤدي إلى انخفاض معدلاتها اضافة إلى التخفيف من حدة الفقر كما تساهم في توفير المزيد من فرص العمل للفئات المهمشة مما يساهم أيضا في تحقيق السلام الاجتماعي اضافة إلى أنها تساوي بين الجنسين نظرا لانتقال المرأة للدخول في سوق العمل من خلال المشاريع الصغيرة وهنا سوف نذكر أهمها :
• تربية الدواجن : يعتبر إنتاج لحوم الدواجن واحدا من الحلول المقترحة لتمكين شرائح متعددة من المجتمع وخاصة أصحاب الدخل المحدود من الحصول على اللحم البديل نظرا لغلاء أسعار اللحوم الحمراء, وكانت هذه الصناعة قد تعرضت لشتى المعوقات الحكومية وعلى سبيل المثال قامت وزارة الاقتصاد بالسماح للمذبح الواحد بتصدير 400 طن من اللحوم علما أن عدد المذابح لايتجاوز الخمسة في سورية علما أن القدرة التصديرية تفوق ذلك بكثير مما أدى إلى انخفاض سعر الفروج دون سعر التكلفة , كما تعرض إنتاج الدواجن إلى بعض الجوائح المرضية في ظل واقع طبي لايرقى للتصدي لها اضافة إلى ارتفاع أسعار الدواء وغياب الرقابة البيطرية مما أدى أيضا لتدهوره وافلاسه2004 .
• تربية الأسماك : من المؤكد بأن الصيد البحري يتطلب القيام بجهود كبيرة اما حكومية أو شركات صيد عملاقة نظرا لحجم الرأسمال المطلوب وذلك لايدرج ضمن اطار التنمية المستدامة والتي تتضمن المشاريع الزراعية الصغيرة نباتيا وحيوانيا , حيث تعتبر تربية الأسماك في الوطن العربي متدنية وخاصة في سورية حيث بلغت كميات لاتفي بالاستهلاك المحلي والتي قدرت نصيب الفرد الواحد ب 0,7 كغ سنويا بينما بلغ متوسط نصيب الفرد عالميا 13 كغ علما أن الوطن العربي يملك حوالي 23ألف كم سواحل بحرية , لسورية حوالي 120كم .
ووضع التقرير عدة توصيات لمضاعفة انتاج الأسماك في سوريا منها توفير الكودار الفنية والقيام بدورات تدريبية تشمل المزارعين المهتمين بتربية الأسماك , و ايجاد صيغة متوازنة بين نظم الري ومياه المزارع السمكية , و العمل على توفير مصادرالمياه اللازمة لتربية الأسماك , و توفير مصادر التمويل لمربي الأسماك , وغيرها .
( يذكر التقرير أهم الأنواع السمكية المناسبة للتربية وشروط تربية )
هناك مجالات واسعة للمساهمة في عملية التنمية المستدامة مثل إنتاج النباتات العطرية والطبية في الحقول الصغيرة وكذلك في الحدائق المنزلية وسورية لها تاريخا بعيدا في على كافة الأصعدة ضمن اطار الاقتصاد المنزلي والذي تعبر عنه التنمية المستدامة ومن تلك الفعاليات مغازل النسيج في بيوت حلب والتي بلغت حوالي 70 ألفا وفي دمشق أيضا وكذلك القيام ببعض الصناعات الخفيفة في المنازل كالجلود والألبسة اضافة إلى ماذكر حول الإنتاج الحيواني والنباتي .
توصيات خاصة لمرحلة استثنائية .
وأوصى التقرير بين صفحاته وفي نهايته بعدة توصيات آخذة بالاعتبار المرحلة الاستثنائية التي تمر بها سوريا , فأوصى الدكتور أسامة قاضي بضرورة اهتمام الحكومة القادمة بعد الوصول لحل سياسي ناجز بنقل التكنولوجيا والتقنيات الزراعية الحديثة لاستخدامها في مشاريع سوريا الزراعية البحثية والتنموية كبرنامج الزراعة بدون حرث , واستخدام الآليات لتطوير نظم ري حديثة , و تأسيس مختبر متكامل للزراعة النسيجية والتوسع في إكثار بعض الأصناف الأخرى كالبطاطس والنباتات العطرية , كما أوصى بتوسيع استخدام الآلات الزراعية والاستفادة من التقانات الحديثة في توطين الأنشطة الزراعية والاستثمارية بغرض تجويد تنفيذ العمليات الزراعية ورفع كفاءة الإنتاج ( المكننة الزراعية ) .
كما أوصى الدكتور عبد ديوب لليوم التالي من نهاية الحرب الطاحنة التي يشنها النظام الاستبدادي على الشعب السوري نذكر بالتوسع في الزراعة المحمية وخاصة في المناطق الدافئة من سورية ترشيدا للطاقة و الانتقال إلى البيوت الزجاجية المؤتمتة واعتماد الزراعة بدون تربة في البيوت الزجاجية لتميّزها بانخفاض ظاهرة الأمراض والاصابات الحشرية
وأكد الدكتور تكريس الإنتاج في مشاريع زراعية صغيرة محلية وتشجيع العمل الزراعي النباتي والحيواني ضمن اطار التنمية المستدامة من خلال : توفير المستلزمات الزراعية وتمويل الإنتاج من خلال القروض الميسرة ., كما أوصى بإعادة إنتاج الحرير الطبيعي من خلال إنتاج أشجار التوت ودودة القز .
ولابد من الإشارة أخيراً إلى بعض السياسات الزراعية التي اتبعتها ماتسمى حكومات النظام والتي هدفت إلى إفقار الريف السوري وتخلفه من خلال إبطاء عملية التنمية الشاملة والحيلولة دون الانتقال إلى سياسة التكثيف الزراعي بشقيه النباتي والحيواني إضافة إلى الحدّ من عملية التنمية المستدامة، والتي تساند التنمية الاجتماعية الشاملة وصولاً إلى رفع المستوى المعيشي للمزارعين .
يُذكر أن مجموعة عمل اقتصاد سوريا هي مؤسسة غير ربحية مستقلة يرأسها المستشار الاقتصادي أسامة قاضي، تُعنى بالأبحاث التي تتناول الاقتصاد السياسي السوري وقد أنجزت أكثر من ثلاثين تقريراً اقتصادياً في هذا المجال.