أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة
أصدرت مجموعة عمل اقتصاد سوريا تقريرها الثالث من الخارطة الزراعية السورية بعنوان ” غاباتنا والنظام البيئي الأيكولوجي لسورية المستقبل ” حيث ناقش التقرير أثر الغابات وخدماتها بيئياً واجتماعيّاً وفي محيطها الحيوي، كما استعرض التقرير الخطر الّذي يداهم الغابات وسبل ووسائل الحماية من حرائقها.
افتقاد الوعي الأيكولوجي في التخطيط الاقتصادي – البيئي
وقدّم للتقرير الدكتور أسامة قاضي رئيس مجموعة عمل اقتصاد سوريا حيث أكدّ أن التوعية البيئية في سوريا المستقبل يجب أن تكون واحدة من الأهداف الرئيسية على جدول أعمال أية حكومة انتقالية قادمة، لأن الوعي الإيكولوجي سيعيد سوريا لأخذ موقعها كمساهم عالمي في تعزيز القيم المناخية والبيئية من وجهة نظر اقتصادية وأخلاقية معاً.
وأردف التقرير أن الغابات تشكل 2.7% من مساحة سوريا بمساحة قدرها 491 ألف هكتار، وهنالك 35 ألف هكتار أراضي حراجية أخرى، و231 ألف هكتار مغطاة بالأشجار، والواقع أنّ نسبة الغابات ومساحاتها في سوريا متواضعة مقارنة ببقية البلدان العربية‘ فهي العاشرة ضمن الدول العربية من حيث المساحة.
وأشار الدكتور “القاضي” إلى بعض الإجراءات الفعالة التي ينبغي اعتبارها في أية استراتيجية اقتصادية – بيئيّة قادمة منها أن تكون الزراعة أكثر كفاءة بما في ذلك استخدام الأسمدة ومبيدات الآفات الزراعية واستخدام المياه، واستخدام أصناف المحاصيل المتنوعة والمواءمة بشكل جيد، والحد من النفايات في جميع مراحل الانتاج والاستهلاك , والنهوض بالنظم الغذائية المستدامة.
الغابات السوريّة في خطرٍ داهم !
” الغابات السورية في خطر داهم ” يُكمل الدكتور عبد العزيز ديّوب، ويذكر بالأرقام نسبة الغابات والمساحات الخضراء في المحافظات السوريّة، ويستعرض الغابات والمحميات الطبيعية في سوريا وأماكنها ومساحاتها والتنوّع النباتي والحيواني فيها، يستعرض التقرير خمس غابات رئيسية وخمسة عشر محميّة طبيعيّة.
ويُكمل التقرير أنّهُ بالرّغم من مساحة الغابات الضئيلية في سوريا فإنّها تتميز بندرة وأهمية الأنواع النباتية كأصول وراثية لمعظم أشجار الفاكهة والحيوانية النادرة في أغلبها اضافة إلى أنواع النباتات الطبية والعطرية الغنية بمواصفاتها العلاجية والتصنيعية الدوائية وقد سبق ذكرها ولذلك يعتبر الحفاظ على الغابات واجبا وطنيا تضطلع فيه الحكومة ومنظمات المجتمع الأهلي والمواطنين لما لها من أهمية بالغة في عملية التنمية اقتصاديا واجتماعيا وسياحيا ومن أهم التعديات عليها.
الحرائق المفتعلة التي يقوم بها الأفراد بقوة الحاجة أحيانا كما تلعب مافيات الأخشاب والحطب دورا رئيسا في التعدي اضافة إلى قيام البعض بالصيد الجائر مما يؤدي إلى انقراض بعض الحيوانات كالغزلان على سبيل المثال وانقراض بعض الطيور وكذلك بعض النباتات الطبية والعطرية خلال القلع الجائر.
حرائق وجرائم الغابات
أرجع التقرير أسباب حرائق الغابات إلى أسباب طبيعية أو متعمّدة ,أو إلى الإهمال غير المُتعمّد، حيث يُساهم الإهمال من قبل المزارعين في إشعال الحرائق وذلك من خلال قيام بعضهم بإشعال بقايا أو مخلفات الأعشاب لمحاصيلهم في أمكنة غير مناسبة بدون عزل أو اتباع الاحتياطات المعروفة مما يؤدي إلى انتشار النار، كما يؤدي اشعال القمامة في مكباتها إلى انتقال النار بواسطة الرياح وبالتالي نشوب الحرائق أيضا اضافة إلى عود ثقاب أو سيجارة من هنا وهناك.
ومن المؤكد بأن الحرب التي شنها النظام على شعبه قد أرخت بظلالها أيضا على الغابات بكل ماتحويه من أنواع نباتية وحيوانية وذلك من خلال القصف العشوائي بالبراميل المتفجرة والصواريخ وغيرها من وسائل الدمار التي طالت غابات بأكملها وخاصة في المناطق الساخنة ومنها القريبة إلى الحدود التركية والأردنية.
كما ساهمت هذه الحرب المجنونة في إشعال حرائق كبيرة في غابات الفرلّق، وقد أتت على مساحات غابوية بمئات الهكتارات إضافة إلى حرائق أخرى في غابات كسب ومنطقة أبو قبيس حيث طالت عشرات الهكتارات من محميتها وأدت إلى حرق أنواعا نادرة من الأشجار و تعرضت محميتها إلى حرائق هائلة في العام 2012 وخاصة في مناطق جباتا الخشب وعين التينة والحميدية كانت حصيلتها احتراق مجموعات كبيرة من أشجار البلّوط والسنديان.
الفلورا السوريّة الغنيّة والمتنوعة
من المؤكد بأن الفلورا السورية غنية في تنوعها النباتي والحيواني نظرا لتنوع التضاريس والمناخ والترب في سورية إلا أن الحرب قد أثّرت كثيرا على البيئة وهددت كافة الكائنات الحية فيها براً وبحراً وسماءً حيث دمّرت موائل طبيعية للحيوانات والأصول الوراثية، وتآكلت وتسممت الترب الزراعية نتيجة استخدام المتفجرات إضافة لتلوث المياه في أغلب مصادرها، وجريانها كما تعرضت بعض الطيور والحيوانات النادرة للنهب والصيد الجائر وخاصة في المحميات الطبيعية كالغزلان والنسور والنعام وغيرها.
إضافة إلى انحسار الغطاء النباتي في الكثير من المناطق الغابوية الطبيعية والمحميات مما أدى إلى هجرة بعض الطيور وانقراضها مساهما في إحداث خلل في التنوع الحيوي ومن الأنواع الحيوانية المهددة بالانقراض على سبيل المثال طائر أبو منجل الشمالي والقطقاط الاجتماعي والنعار السوري.
الحفاظ على الثروة الحراجية والتوصيات
وطالب التقرير في نهايته بالحفاظ على الغابات والثروة الحراجية من خلال عدة توصيات منها سن القوانين والتشريعات الرادعة للرعي والقطع الجائر وافتعال الحرائق , والحد من انجراف الترب الزراعية الغابوية من خلال استخدام الوسائل المناسبة، والقيام بحملة تشجير وطنية لاعادة تأهيل الغابات التي تعرضت للأذى إضافة إلى التوعية المنهجية في المدارس.
يُذكر أن مجموعة عمل اقتصاد سوريا هي مؤسسة غير ربحية مستقلة يرأسها المستشار الاقتصادي أسامة قاضي، تُعنى بالأبحاث التي تتناول الاقتصاد السياسي السوري وقد أنجزت أكثر من ثلاثين تقريراً اقتصادياً في هذا المجال.