وبدأ الحديث عن “المنطقة الآمنة” بعد الاتفاق التركي الأميركي الذي يشير إلى عزم القوى الدولية على مساعدة تركيا من خلال إعادة طرح مسألة المنطقة الآمنة، وما هي إلا أيام عن إعلان هذا الاتفاق حتى اتضح أن هناك تصورين لهذا الاتفاق حول المنطقة الآمنة المزمع إقامتها، الأول هو التصور التركي الذي تُماشيه مطالب السوريين بشرائحهم كافةً، والثاني هو التصور الأميركي الغربي الذي لا يزال يسميها المنطقة الخالية من داعش. يستعرض هذا التقرير وضع المنطقة الآمنة من وجهة نظر اقتصادية، وكل الأبعاد التي يمكن أن تؤثر اقتصادياً واجتماعياً على هذه المنطقة التي تشمل 448 مدينة وقرية وتجمعا سكنيا، وثلاثة معابر حدودية وثلاث صوامع وثلاث بحيرات وسدا واحدا ومحطة قطار، حيث تلقي هذه الورقة الضوء على مدى إمكانية إدارة البلاد فيها، وكذلك الإمكانيات المتاحة من خلال هذه الدراسة الميدانية من باحثين اقتصاديين داخل سوريا والتي استغرقت قرابة أربعة شهور.
وقد صرح رئيس مجموعة عمل اقتصاد سوريا الدكتور أسامة قاضي أن “مشروع المنطقة الآمنة لو قُدّر له أن يتحقق بحماية جوية حقيقية ودعم ميداني وسياسي حقيقيين، سيكون خطوة جدّية تجاه نُصرة الشعب السوري الذي يبحث عن ملاذ آمن داخل وطنه بعيداً عن ذل التشرد واللجوء والعوز، ويخفف عبء اللجوء عن دول العالم”.
وتشمل “المنطقة الآمنة” 448 مدينة وقرية وتجمعا سكنياً، وثلاثة معابر حدودية (الراعي، وجرابلس، وباب السلامة)، وثلاث صوامع (أخترين، ومنبج، وجوبان بيك)، وثلاث بحيرات وسداً واحد ومحطة قطار، ويقدر القاضي أن المنطقة الآمنة المزمع إنشاؤها “يمكن أن تكون بطول 110 كلم وعرض 65 كلم، ويمكنها استيعاب ما لا يقل عن مليون ونصف، وفي الحد الأقصى 2.5 مليون سوري.
ويقدر تقرير مجموعة عمل اقتصاد سوريا هذه المنطقة الآمنة وهذا يحتاج لكادر إداري مؤهل مدنيا ووطنيا بعيداً عن المحاصصات والولاءات بحيث تُدار المنطقة الآمنة بأعلى معايير الشفافية والمهنية، وفي هذا السياق يمكن الاستفادة من خبرة المجالس المحلية المنتخبة، ومن العاملين السابقين والحاليين في مؤسسات الدولة السورية، ويعتقد القاضي “أن وجود المنطقة الآمنة سيوفر مناخاً مناسباً لكل المنظمات الدولية الإغاثية كي تقوم بإدخال الإغاثات الطبية والغذائية والتعليمية وغيرها لتلك المنطقة، والتي قد تفوق سنوياً أكثر من مليار دولار، إن هذه المنطقة الآمنة يجب أن تُشجّع أصدقاء الشعب السوري على إقامة منطقة آمنة في الجنوب حتى يتم الوصول إلى حل سياسي مرضٍ للشعب السوري، وتكون سوريا آنذاك كلها آمنة في ظل حكومة مدنية منتخبة”.