أعلن رئيس «مجموعة عمل اقتصاد سوريا» أسامة القاضي أمس، أن السلطات المركزية السورية، فقدت قدرتها على إدارة الاقتصاد السوري الذي «يدار بشكل لا مركزي وعبثي ومستقل عن بقية الجسم الوطني»، قائلا لـ«الشرق الأوسط» إنه بعد 4 سنوات على الأزمة، صار «اقتصاد النواحي السورية». وأكد أن النشاط الاقتصادي «بات يعمل بحده الأدنى، وبات على المستوى الكلي مصاب بشلل لأن كل القطاعات الاقتصادية أصابها العطب». ويأتي إعلان القاضي بموازاة إصدار المجموعة تقريرها الثاني الذي تضيء فيه على المشهد الاقتصادي في مدينة الأتارب الواقعة في ريف حلب الغربي، بعد أقل من أسبوعين على إصدار تقرير عن مدينة إعزاز الحدودية مع تركيا، حذرت فيه من أن المدينة «مقبلة على مزيد من التضخم وفقدان بعض السلع الأساسية في حال استمر الواقع الاقتصادي على حاله»، داعيا إلى «عقد اتفاقية نقل بين تركيا وسوريا الحرة تعيد السماح بإدخال الشاحنات السورية إلى الأراضي التركية لتصل إلى الموانئ التركية»، واستغلال المعبر اقتصاديا جيدا، وإيقاف التهريب، وذلك بهدف النهوض باقتصاد أعزاز ومحافظة حلب.
وقال القاضي لـ«الشرق الأوسط»: «لم يعد هناك شيء اسمه (الاقتصاد السوري)، الذي يتمتع بإدارة مركزية ويدار من العاصمة السورية بمراسيم وتشريعات ومراقبة للعرض والطلب، ويعمل ضمن خطط دولة مركزية لها جهاز تنفيذي متمثل بوزراء تنفيذيين، ولديها سيطرة على منافذها البرية والجوية والبحرية. إنما للأسف باتت سوريا بعد دخول الأزمة عامها الخامس تدار بشكل لا مركزي عبثي مستقل عن بقية الجسم الوطني، ولم تعد هناك حتى محافظة واحدة تدار بشكل مركزي من قبل المحافظة، بل وصل التشظّي إلى حد إدارة النواحي التي يقارب عددها الـ280 ناحية في سوريا، أو 64 منطقة في سوريا كل واحدة منها تدار بطريقة لامركزية منفصلة حتى عن بقية النواحي والمناطق داخل المحافظة الواحدة»، مشددا على أن الوضع الحالي هو «اقتصاد النواحي السورية».
وأضاف: «من هنا تعمل مجموعة عمل اقتصاد سوريا على دراسة الوضع الجزئي المايكرو اقتصادي للنواحي السورية، لمراقبة النشاط الاقتصادي الذي يفسر العوامل التي ساعدت على التكيف الاقتصادي (القسري) للمقيمين في تلك البقع الجغرافية المنفصلة». وقال إن الإضاءة على الحياة الاقتصادية والإدارية بشيء من التفصيل للمناطق الخارجة عن سيطرة النظام، التي تتمتع بمخاطر أقل نسبيا، كون تلك المناطق «يمكن أن تستقطب المهجرين للعودة للداخل في حال استجابت المنظمات الإغاثية لدعم المشاريع المتناهية الصغر والصغيرة، بحيث يتم التمكين الاقتصادي للسوريين في الداخل». وأشار إلى «أننا في نفس الوقت نشجع المنظمات الإغاثية والدول المانحة أن تنحو نحو تمويل المشاريع الصغيرة للمقيمين في تلك المناطق، كي نمكنهم من التثبيت في الداخل السوري بدل أن يتجرعوا ذل التهجير في مدن اللجوء».
يذكر أن سلسلة التقارير التي تصدرها المجموعة، ستشمل معظم النواحي والمناطق السورية الخارجة عن سيطرة النظام، «لأنها المدخل لإعادة التموضع الاقتصادي والمعاشي للسوريين سواء أكانوا نازحين في الداخل، أم مقيمين بحاجة لدعم تنموي، أو نازحين تواقين للعودة لمنطقة آمنة نسبيا».